المشهد الخامس: الضاحية
الضاحية، ذكريات و"دوكترين"
صراخ سائقي فان رقم ٤، تمتمات وأحاديث الناس العائدين إلى بيوتهم بعد مجالس عاشوراء في الباحة، خطاب السيد من كل دكان وبيت، ضحكات الأولاد، أناشيد المضائف، والصمت في روضة الشهداء بعد كل تشييع... هذه بعض من إجابات أصدقائي وعائلتي حين أسألهم عن أجمل ذكرياتهم في الضاحية.
منذ ٣٠ تموز، يستهدف العدوان الاسرائيلي بوتيرة شبه يومية الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد حرب تموز ٢٠٠٦، بات اسم الضاحية مرتبط باستراتيجية إسرائيلية تقوم على توجيه ضربات واسعة النطاق للمناطق التي تعتبر داعمة للمقاومة بهدف خلق ضغط سياسي عبر إلحاق خسائر مادية للبيئة الحاضنة للمقاومة في لبنان.
لقد تغيرت ملامح حيّ الطفولة للأبد، تدمّرت الأبنية التي سكنها جيراني ولن تعود كما كانت، وقد لا يبقى منزلي أيضًا! لم تكن العمارات التي رمّدَتها إسرائيل مجرّد حجارة جامدة في حياتنا اليومية، بل كانت نبضًا حيًّا نعيش فيه، ولكنّني أشكّ في قدرة الصواريخ على تدمير الصراخ والهمسات والأحاديث والأناشيد والصمت.
كل تكنولوجيا العالم لا تستطيع اغتيال الأصوات.