المشهد التاسع: شارع الشرارات الأولى
ألتصق بالشاشة الصغيرة بحثًا عن أخبار الالتحام، أسافر بذهني إلى القرى القديمة. أغمض عيناي، وأشعر بدفء الأرض يتسرّب إلى جسدي، تتردد نبضات القلب مع كل طلقة! طلقات شبابنا المدبرين، العابرين. أصعد جنوبًا، أحسد جوف الحقول الذي يصغي لهمساتهم، أشمّ رائحة الدم والتراب. أطير فوق سهل الخيام، فأشاهد موقع المطلة يحترق!
بتمام الساعة الرابعة فجرًا يخترق صوت الغارة خيالي، فأنهض. أتّجه إلى شارع فتح الله، شارع الشرارات الأولى، أحاول العودة لذلك الزمان، لكن رائحة الدمار تجبرني على البقاء مستيقظة.
يذكّرني أهل المنطقة بضاحية أشتاقها، تحاوطني وجوه الأحياء المعلقة على الجدران. ها هو العدو يحاول عبثًا أن ينتقم من الأرواح النائمة في منازلها وأماكن نزوحها. أسعى للاحتفاظ بصورة البيوت ووجوه أهلنا وهم يبحثون عن الحياة، لا الموت! أدرك أنّ لا سبيل لالتقاط صور الخيال، أو حتى مشاعر الأجساد، إن عجز آلاتنا وإيماننا بشعورنا يجعلنا ننحني فقط أمام الأحياء فعلا بيننا.