شركة إنترا للاستثمار: "أكثر أسرار الدولة اللبنانية كتمانًا"
ملاحظة من المحررة: يمكن النقر على النقاط السوداء (●) في النص لعرض المستندات التي جُمعت لكتابة هذه المقالة.
أصبح انهيار بنك إنترا في ستينيات القرن الماضي ضربًا من الأساطير، وقد حيكت نظريات المؤامرة مرارًا وتكرارًا كي تفسّر لمَ البنك الذي كان يومًا أكبر بنوك لبنان لم يكن أعظم من أن ينهار.
هل كانت أزمة السيولة التي أصابت إنترا مصطنعة أصلًا؟ وحتى إن لم تكن كذلك، من الذي نشر الشائعات التي أدت إلى تسارع المودعين الجنوني إلى المصرف؟ لماذا لم يهبّ مصرف لبنان لمساعدة أكبر مصارف البلاد عندما احتاج ليد العون؟ هل لأن مؤسّسه يوسف بيدس كان فلسطينيًا؟ هل كان السعوديون متورطين في تلك المسألة؟ أم أنه مجرد اتّحاد للأوليغارشيين الصغار للقضاء على أكبر الحيتان؟ حتى إدوار سعيد (الذي كانت تربطه صلة قرابة بعيدة ببيدس) أبدى وجهة نظره في هذه المسألة، فكتب في مذكراته: "وقد رأى البعض إلى الصعود والانهيار المذهلين ليوسف بيدس نذير النزاعات اللبنانية-الفلسطينية الرهيبة التي سوف تنفجر في السبعينيات".
تجدّد الاهتمام مؤخرًا بهذا العملاق المالي بسبب التناقض الصارخ بين ما حدث في الأزمة المصرفية عام ١٩٦٦ وما يحدث في الأزمة التي نشهدها حاليًا.
تمّ حينها تعويض صغار المودعين في بنك إنترا بالكامل وتم إصلاح النظام المصرفي ككل. عجز المصرفيون عن الحفاظ على نظام مالي خال من أي قيود وضوابط، فوافقوا على تطبيق إصلاحات معيّنة، فتم إنشاء برنامج تأمين على الودائع يهدف إلى حماية المودعين في المستقبل (المؤسسة الوطنيّة لضمان الودائع)، كما تم تكليف كيانين جديدين بالإشراف على المصارف وحتى استملاكها في حال إخفاقها (لجنة الرقابة على المصارف والهيئة المصرفيّة العليا).
أمّا اليوم، فتتمتّع المصارف بحريّة فرض اقتطاعات فعلية على معظم الودائع المصرفية، بينما يهرّب الأوليغارشيون ثرواتهم إلى الخارج. في الأعوام التي فصلت بين الحدثين، تم تحييد المؤسسات التي نشأت إثر كارثة إنترا لحماية المودعين، حيث كانت تضمّ عددًا كبيرًا من المقربين من الأوليغارشية.
بعد خمسين عامًا على انهيار بنك إنترا، لا تزال شركة إنترا للاستثمار قائمة، إذ تملك الدولة اللبنانية والمصرف المركزي غالبية أسهمها. ومع ذلك، لا يعرف الجمهور أيّ شيء تقريبًا عن إنترا.
ولكن بعيدًا عن التناقض التاريخي، وإذا تخطّينا متاهة سبب انهيار بنك إنترا بالتحديد، نجد أنّ إرث إنترا يطاردنا بشكل ملموس أكثر.
ففي نهاية المطاف، لم تتبخّر معظم بقايا ما كان ذات يوم بنك إنترا. إنّما عوضًا عن ذلك، تحولت الأصول المربحة للمصرف المنحلّ إلى شركة إنترا للاستثمار، وهي شركة مساهمة تأسست في العام ١٩٧٠ كأكبر مؤسسة مالية في لبنان.
بعد مرور خمسين عامًا، لا تزال شركة إنترا للاستثمار قائمة - وتملك الدولة اللبنانية والمصرف المركزي الحصة الأكبر، بنسبة ١٠ و٣٥ في المئة على التوالي. ومع ذلك، لا يعرف الجمهور أيّ شيء تقريبًا عن هذا الكيان.
إنترا هي "أكثر أسرار الدولة اللبنانية كتمانًا"، على حدّ تعبير الخبير الاقتصادي ألبير كوستانيان.
ماذا تمتلك شركة إنترا للاستثمار بالضبط؟ أين تذهب أرباحها؟ هل تدرّ أي دخل للدولة؟
قد تُعرض إنترا للبيع إذا استطاع الاقتراح المثير للجدل لخصخصة أصول الدولة أن يحرز تقدمًا، لذلك لا بدّ أن يعرف الجمهور في هذه الحالة ما هو المعروض.
أصبحت الإجابة على هذه الأسئلة ضرورية في ظلّ أزمتنا الحالية.
على سبيل المثال، تُعدّ إنترا من بين الكيانات التي ستُطرح للبيع إذا استمر الاقتراح المثير للجدل لخصخصة أصول الدولة الذي يضغط المصرفيون اللبنانيون لتطبيقه في إحراز التقدم. لا بدّ أن يعرف الجمهور في هذه الحالة ما هو المعروض.
علاوة على ذلك، مع إعلاء الأوليغارشيين في لبنان لنداءاتهم لخصخصة أصول الدولة من خلال شركة مساهمة أو صندوق لتخفيف الديون كحلّهم للخروج من الأزمة، نجد هنا حالة لشركة مساهمة خاصة قائمة منذ 50 عامًا. شركة يمكن لماضيها وحاضرها أن يلجم أي اندفاع للخصخصة.
الأصول الغامضة لشركة إنترا للاستثمار
كان بنك إنترا مصرفًا ضخمًا عند انهياره في العام ١٩٦٦. كان مسيطرًا على حوالي ٥٠ في المئة من الودائع في لبنان. ورد أنّ ثلث أعضاء البرلمان وخمسة وزراء كان لديهم حسابات في المصرف.
كان البنك أيضًا المساهم الأكبر في محركات لاقتصاد اللبناني الرئيسية، ومن بينها طيران الشرق الأوسط، وكازينو لبنان، وجمعية فنادق لبنان الكبرى (التي كانت تدير فندق فينيسيا). امتلك البنك أيضًا أسهمًا في الشركة التي حصلت على امتياز لمدة ٣٠ عامًا لتشغيل مرفأ بيروت، وشركات في قطاع الترفيه وقطاع المرئي والمسموع، وأبرزها ستوديو بعلبك.
أمّا خارج لبنان، فكان لإنترا فروع وشركات تابعة في سوريا والعراق والأردن والخليج العربي والبرازيل وليبيريا ونيجيريا، وامتلك عقارات مميزة في جنيف، وجادة الشانزليزيه الباريسية، ومدينة نيويورك، حيث اشترى ناطحة سحاب في مركز روكفلر في الجادة الخامسة، ورفع العلم اللبناني، وأطلق عليها اسم بيت لبنان، آملًا بأن تصبح مركزًا يستقطب التجارة والتبادل التجاري إلى لبنان. كان لدى إنترا أيضًا استثمارات أجنبية ضخمة، ومن بينها الشركة التي تدير ثاني أكبر حوض سفن في فرنسا.
عندما انهار المصرف، ولمواجهة تحرك صغار المودعين المطالبين بأموالهم، دفعت الحكومة اللبنانية ٥٠ مليون ليرة لبنانية إلى صغار المودعين في إنترا والذين يملكون حسابات بقيمة ١٥٫٠٠٠ ليرة لبنانية أو أقل.
إنّما بقية عملية الإنقاذ كانت أكثر تعقيدًا. لم يكن البنك مساهمًا رئيسيًا في الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني فحسب، بل كان من بين دائنيه حكومات الكويت وقطر والولايات المتحدة (ممثلة بمؤسسة ائتمان السلع التابعة للحكومة الأمريكية، والتي قدمت قرضًا إلى بيدس لشراء القمح لإهراءات مرفأ بيروت). كان المستثمرون السعوديون قد سحبوا جميع أموالهم عند انهيار المصرف.
كانت خطة إنشاء إنترا للاستثمار من بنات أفكار روجيه تمرز سيئ السمعة والذي لعب لاحقًا دور أساسيًا في بعض أبرز فصول الفساد المحلية والدولية في حقبة الثمانينيات والتسعينيات.
وعوضًا عن بيع بقية الأصول عن طريق التصفية للدفع لكبار المودعين، وُضعت خطة لتحويل المودعين إلى مساهمين ضمن شركة قابضة جديدة ستحمل اسم إنترا للاستثمار.
كانت الخطة من بنات أفكار روجيه تمرز سيئ السمعة، والذي كان في تلك الفترة يمثل شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية الأمريكية كيدر، بيبودي آند كومباني. واصل تمرز لعب أدوار رئيسيّة في بعض أبرز فصول الفساد في الثمانينيات والتسعينيات: أولاً كرجل أعمال دولي يتمتع بعلاقات مع ذوي النفوذ، ولاحقًا بصفته "الممول الأساسي لحزب للكتائب"، وفي النهاية بصفته رئيس مجلس الإدارة الأكثر إثارة للجدل لشركة إنترا للاستثمار. اتهمه القضاء اللبناني بشكل رسمي عام ١٩٩١ بتُهمة اختلاس ٢٠٠ مليون دولار من خلال أنشطة مرتبطة بشركة إنترا. في العام ١٩٩٧، اتهمته المحاكم الفرنسية بـ "الاحتيال المصرفي وتضارب المصالح وخيانة الأمانة".
بحلول العام ١٩٨٠، باعت الولايات المتحدة أسهمها في إنترا، وباعت الشركة عقاراتها في باريس ونيويورك، لكن بقيت إنترا المساهم الأكبر في شركة طيران الشرق الأوسط، وكازينو لبنان، وستوديو بعلبك (٩٧٫٥ في المئة)، وبنك المشرق، وبنك الكويت والعالم العربي (٩٦٫٦٥ في المئة)، على سبيل المثال لا الحصر. كانت إنترا أيضًا تؤجر أصولها العقارية الضخمة وتحقق أرباحًا تقدّر بنحو٧ ملايين دولار سنويًا.
فك رموز صندوق إنترا الأسود
نحن نعرف عن ملكية إنترا وأصولها وأرباحها في سبعينيات القرن الماضي أكثر مما نعرفه عن أصولها وأرباحها الحالية.
لا تنشر إنترا التقارير السنوية أو البيانات المالية، في انتهاك للمقتضيات القانونية. الموقع الإلكتروني الحالي للشركة غير نشط، ونسخه السابقة هيكلية.
الأرقام الرسمية الوحيدة التي تصدرها إنترا مذكورة في ميزانياتها العمومية السنوية في الجريدة الرسمية - ولكنها نُشرت بشكل متقطع، واستثنيت التفاصيل المتعلقة بأصول الشركة أو أنشطتها أو الشركات التابعة لها، ونُشر آخر إصدار في العام ٢٠٠٨.
على شركة إنترا بموجب القانون وعلى غرار جميع الشركات المساهمة أن تقدّم البيانات المالية وتقارير المدققين وتقارير مجلس الإدارة ومحاضر الجمعيات العامة، من بين وثائق أخرى، إلى السجل التجاري المُتاح للعموم. لكن على الرغم من المحاولات المتكررة، لم نتمكن في مصدر عام من الحصول على نسخ من السجل التجاري.
رفض رئيس مجلس إدارة إنترا، محمد شعيب، طلبين للاطلاع على ميزانية إنترا لعام ٢٠١٧ من قبل مبادرة غربال للشفافية بحجّة أن قانون الوصول إلى المعلومات لا ينطبق على الشركات المساهمة التي تعمل ضمن اختصاص قانون التجارة. لكن قانون الوصول إلى المعلومات "ينص صراحة، في المادة ٢، الفقرة ٧، على أن" الشركات المختلطة "تقع ضمن اختصاصه"، كما يذكرنا محمد المغبّط، المحامي والاستشاري القانوني الأول في الجمعية اللبنانيّة لتعزيز الشفافية. وشدّد المغبّط على أن "أي شركة خاصة تمتلك الدولة فيها حصة، مثل إنترا وطيران الشرق الأوسط، تُعتبر شركات مختلطة، ويجب أن ينطبق عليها قانون الوصول إلى المعلومات".
عمليات التدقيق التي أجرتها ديلويت وإرنست آند يونغ في مصرف لبنان في العام ٢٠١٨، والتي سرّبها مصدر مجهول في العام ٢٠٢٠، "عجزت عن إثبات قيمة الاستثمار الذي أجراه [مصرف لبنان] في شركة زميلة [شركة إنترا للاستثمار]" بسبب "عدم توفر" المعلومات المالية وغيرها من المعلومات ذات الصلة لإجراء تقييم كهذا".
حتى أنّ ملكية إنترا مبهمة، فباستثناء الأسهم التي تملكها الدولة اللبنانية ومصرف لبنان، من غير الواضح كيف تمّ توزيع الأسهم المتبقية. بعد أن صُدم النوّاب الكويتيون لدى اكتشافهم أن الأسهم التي تملكها الحكومة الكويتية هي لشركة مرتبطة بكازينو، ورد أنها باعت أسهمها في آذار ٢٠٠٦ إلى بنك لبنان والمهجر نيابة عن الملياردير العراقي البريطاني المثير للجدل نظمي أوجي - والذي قيل إنه باعها بعد ذلك لرجل الأعمال اللبناني الفلسطيني عبد الله تماري. بنك الكويت الوطني أيضًا من حاملي أسهم الأقلية، في حين لا يبدو واضحًا إن كانت الحكومة القطرية لا تزال من بين المساهمين. يملك الأسهم المتبقية مستثمرون ومودعون سابقون في بنك إنترا وورثتهم، ولم يكن لأي منهم قرار في كيفية إدارة الشركة.
حتى أنّ ملكية إنترا مبهمة، فباستثناء الأسهم التي تملكها الدولة اللبنانية ومصرف لبنان، من غير الواضح كيف تمّ توزيع الأسهم المتبقية.
أما معرفة نسبة الأرباح التي تحققها إنترا أو كيفية توزيعها، فتلك أحجية أخرى.
وفقًا لمصادر مختلفة في الصحافة، كان عام ٢٠٠٣ هو العام الأول الذي حقّقت فيه إنترا أرباحاً منذ العام ١٩٧٢. في شهر أيّار ٢٠٠٢، أفادت صحيفة الشرق الأوسط أن شركة إنترا للاستثمار لم تكن تحقق أي أرباح، وأن ديونها بلغت ٤٠ مليون دولار بالإضافة إلى خسائر تراكمية قدرها ٢٨ مليون دولار. أفادت مجلة لو كوميرس دو لوفان أنه في العام ٢٠٠٣، تلقت إنترا أرباحًا بقيمة ١٢ مليون دولار من كازينو لبنان و٩٫٥ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠٠٢ و٥٫٨ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠٠٣ من بنك التمويل التابع لها – وهما أكبر مصدرين للإيرادات.
وبحسب الجريدة الرسمية، بلغت الأرباح ١٩٫٣ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠٠٨، و٧٫٨ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠٠٧، و٩٫٢ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠٠٦.
يشير التدقيق المسرّب لمصرف لبنان، والذي ذُكرت فيه إنترا بإيجاز شديد، إلى أن الشركة صرّحت عن توزيعات الأرباح في العام ٢٠١٨، حيث منحت ٥٫٩ مليار ليرة لبنانية (حوالي ٣٫٨ مليون دولار بسعر الصرف الرسمي) إلى مصرف لبنان، بينما لم يتم الإعلان عن توزيعات الأرباح في العام ٢٠١٧. لكن يجب التعامل مع المعلومات الواردة في هذا التقرير بحذر؛ إذ يقدم المدققون "رأيًا متحفظًا"، وهو في الأساس بمثابة اعتراف بأنهم لم يتمكنوا من التحقق من أن البيانات المالية التي حصلوا عليها خالية من الأخطاء أو السهو. أوضح الصحفي وعالم الاقتصاد المخضرم محمد زبيب أن "التقرير يخبرنا بشكل أساسي أن [المدققين] يطّلعون على الحسابات، لكن ليس لديهم القدرة على إجراء تدقيق فعلي".
وفقًا لرسالة مفتوحة غاضبة نُشرت في عدد نيسان ٢٠٠٥ من مجلة المؤشر، لم توزع شركة إنترا للاستثمار أرباحًا على المساهمين منذ أكثر من ٣١ عامًا - أي أولئك الذين كانوا يملكون ودائعًا في بنك إنترا تفوق ١٥٫٠٠٠ ليرة لبنانية في العام ١٩٦٦ والتي تم تحويلها قسريًا إلى أسهم في إنترا للاستثمار.
لم تعقد الشركة أي جمعية عمومية للمصادقة على حسابات الشركة منذ العام ٢٠٠٩.
على الرغم من كونها شركة خاصة تعتبر الدولة أكبر مساهم فيها، لا توجد بيانات عن إنترا في وزارة المالية.
تالا علاء الدين، الباحثة في استوديو أشغال عامة، قد جمعت مؤخرًا بيانات من وزارة المالية لمشروع حول الأراضي التي تملكها الدولة، وصرحت لمصدر عام: "لم تُذكر إنترا أبدًا في الوثائق الخاصّة بممتلكات الدولة".
سألنا ألان بيفاني، مدير عام وزارة المالية من العام ٢٠٠٠ وحتى استقالته في تموز ٢٠٢٠، كيف توزع أرباح إنترا - مع العلم أن الدولة اللبنانية تمتلك ١٠ في المئة من الأسهم، فأكّد بيفاني أن "[إنترا] مخفيّة حتّى عنا. إذا كانت هناك بعض التفاصيل الصغيرة التي نعرفها عن إنترا، فهذا بفضل كازينو لبنان. شكلت القرارات التي تتخذها إنترا في مجلس إدارة الكازينو القرارات المهيمنة دائمًا لأن الشركة تمتلك نصف الأسهم. بصرف النظر عن هذا الجانب، ليس لدي أي فكرة عما تمتلكه إنترا. أعتقد أنها أصبحت عمليًا شركة عقارية، لكن لا أعرف أيّ شيء أكثر من ذلك. ليس هناك أيّ معلومات واضحة عمّا تمتلكه".
ماذا تمتلك إنترا؟
قام مصدر سري بتزويد مصدر عام بتقارير التدقيق الخاصّة بإنترا لعامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، والتي أتمّتها ديلويت توش في تشرين الثاني ٢٠٢١ وكانون الأوّل ٢٠٢٢ على التوالي. في العام ٢٠١٨، بلغت قيمة إجمالي أصول إنترا ٤٢٢٫٣ مليار ليرة لبنانية (أو ٢٧٨٫٧ مليون دولار أمريكي)؛ وفي ٢٠١٩ بلغت ٤١١٫٩ مليار ليرة لبنانية.
أظهر هذا التخمين زيادة ملحوظة مقارنة بالرقم الأخير الذي نشرته إنترا في الجريدة الرسمية، في العام ٢٠٠٨، عندما كانت قيمة الأصول التخمينية ٣٦٦٫٨ مليار ليرة لبنانية (٢٤٢ مليون دولار)، مع تصنيف ٥٦ في المئة منها كعقارات. [note:1]
استنادًا إلى تقرير المُدقّق من ديلويت توش بالإضافة إلى مستندات من السجل العقاري للحكومة، والتي حصلت عليها شريكنا مبادرة غربال في تموز ٢٠٢١، جمعنا في مصدر عام المعلومات التالية عن أهم ممتلكات إنترا.
الشركات التابعة لإنترا بمعظمها شركات خاملة تكمن قيمتها في الأصول العقارية التي تمتلكها، والتي تولد إيرادات من خلال الإيجار.
استخرج مصدر عام مستندات عن الشركات التابعة لشركة إنترا، وتشير المستندات إلى أن هذه الشركات بمعظمها خاملة تكمن قيمتها في الأصول العقارية التي تمتلكها، والتي تولد إيرادات من خلال الإيجار. اثنتان من هذه الشركات التابعة هما شركتان عقاريتان مقرهما فرنسا، ويترأسهما غالب محمصاني، نائب رئيس بورصة بيروت، وفقًا لوثائق رسمية حصل عليها مصدر عام. [note:2]
Intra Investment Company's Real Estate in Lebanon
Source: General Directorate of Land Registry and Cadastre; Intra Investment Company auditor’s reports 2019 and 2020. (The Public Source)
على الرغم من أننا عجزنا عن التأكد، فمن المحتمل أن جميع العقارات تعود إلى أيام بنك إنترا، الذي استثمر مؤسسه بشكل كبير في قطاع العقارات. في جميع الحالات، يجب التعامل مع التخمينات بحذر، لأنها لم تُحدّث منذ العام ١٩٩٦.
ولعل أهم الأصول العقارية في إنترا هو مبنى اللعازارية الشهير وموقف السيارات الخاص به في وسط بيروت - أحد المباني القليلة في المنطقة التي لا تملكها سوليدير. بلغت قيمة المبنى ٤٧٫٤ مليار ليرة لبنانية في العام ٢٠١٩ (أكثر من ٣١ مليون دولار بسعر الصرف الرسمي)، ويعتبر المبنى إحدى الوسائل الرئيسيّة لتوليد الإيرادات في إنترا.
مؤسسة شبه حكومية أخرى للاستغلال
خلال معظم فترة نشاطها، شكّلت إنترا نقطة جذب لرؤساء مجالس الإدارات المعينين بقرار سياسيّ والمستفيدين منهم.
عندما تم تأسيس إنترا للاستثمار في العام ١٩٧٠، أصبح من العرف أن يعيّن رئيس الجمهورية رئيسًا للشركة. في قرار جسّد المحسوبية الفاضحة التي ميّزت عهد الرئيس سليمان فرنجية، عيّن الأخير صهره ووزير الخارجية الأسبق لوسيان دحداح ليتبوّأ هذا المنصب. قام كل من الرؤساء اللاحقين بتعيين المقرّبين منهم في إنترا.
"هذا هو الوضع في لبنان... إذا راجعنا تاريخ [شركة إنترا للاستثمار]، نلاحظ أنّ كل رئيس عين الشخص الذي يناسبه كرئيس لمجلس الإدارة لأن إنترا تشكّل قوة اقتصادية وسياسية"، بحسب ما أقرّ به تمرز، الذي هو أيضًا تمّ تعيينه رئيسًا لإنترا من قبل الرئيس أمين الجميل في العام ١٩٨٣.
لكن هذا العُرف تغير في آب ١٩٩٣ عندما أصبحت إنترا إحدى غنائم ما بعد الحرب التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري. العديد من المسارات في متاهة إنترا تؤدي إلى بري.
خلال معظم فترة نشاطها، شكّلت إنترا نقطة جذب لرؤساء مجالس الإدارات المعينين بقرار سياسيّ والمستفيدين منهم. في العام ١٩٩٣ أصبحت إنترا إحدى غنائم ما بعد الحرب التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري. العديد من المسارات في متاهة إنترا تؤدي إلى بري.
في البداية، عيّن بري محفوظ سكينة، الذي كان قد شغل منصب النائب الأول لمحافظ مصرف لبنان (١٩٩٠-١٩٩٣) ويُعرف أنه مقرّب منه، كما عين شقيقه محمود بري مستشارًا لسكينة.
بحلول العام ١٩٩٩، ذكرت صحيفة ديلي ستار أن شركة إنترا للاستثمار واجهت ادّعاءات باختلاس الأموال. في تشرين الأول ٢٠٠١، انتخبت الجمعية العامة لإنترا مجلس إدارة جديدًا، وتسلّم محمد شعيب منصب سكينة كرئيس. كما ورد أن شعيب، وهو مصرفي مخضرم، من المقرّبين من نبيه بري. كان المصرفي ميشال فرنيني عضوًا آخر في مجلس الإدارة الجديد، وقيل أنّه مقرب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كل من شعيب وفيرنيني عضوان في مجلسي إدارة شركتين تابعتين تمتلكهما إنترا ومقرهما فرنسا.
فينيسيا بنك - المعروف سابقًا ببنك الكويت والعالم العربي عندما كان لا يزال شركة تابعة مملوكة بالكامل من شركة إنترا - يخضع منذ العام ١٩٩٢ لسيطرة عائلة عاشور التي كان كبيرها رئيس بلدية تابعًا لحركة أمل برئاسة بري.
بنك التمويل الذي تملكه شركة إنترا بشكل شبه كامل، ترأس مجلس إدارته حسن فران، المعروف أيضًا بأنه مقرّب من بري، من العام ١٩٩٣ إلى أن أجبرته فضيحة فساد على التنحي في العام ٢٠١٨.
كان كلّ من بنك التمويل وبنك فينيسيا من بين الجهات المؤسسيّة الراعية للحفل السنوي لعام ٢٠١٦ الخاص بالجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين العائدة لرندة بري.
مبنى اللعازارية الذي تملكه إنترا والذي يحوي عدة شركات، يضم مقرًّا لمنظمتين غير حكوميتين مرتبطتين بنبيه بري: مقر مركز مدرار الطبي، وهو منظمة غير حكومية أسسها اثنان من أبناء بري، ومقرّ المكتب الإداري لجامعة فينيسيا وهي جامعة خاصة في الزهراني تملكها مؤسسة ترأسها رندة بري. ليس واضحًا إذا كانت هذه المنظمات تدفع الإيجار.
لكن من الواضح أن مؤسسات الدولة الموجودة في المبنى تدفع إيجارات باهظة. بحسب تقرير استقصائي نُشر في جريدة الأخبار في العام ٢٠٠٥، وهو العام الذي انتقلت فيه وزارة البيئة إلى المبنى، دفعت الدولة ٢٣٢٫٥ مليون ليرة لبنانية (١٥٥ ألف دولار) كإيجار سنوي، وهو مبلغ زاد أكثر من الضعف بحلول العام ٢٠١٠، ليصل إلى ٥٤٣ مليون ليرة لبنانية (٣٦٢٫٠٠٠ دولار). أمّا وزارة الاقتصاد والتجارة فدفعت ٤٧٢٫٥ مليون ليرة لبنانية (٣١٥٫٠٠٠ دولار) في العام ٢٠١٠. أبلغنا مصدر في وزارة المالية أن الإيجار السنوي يبلغ حاليًا ٨٠٠ مليون ليرة لبنانية و٨٢٩ مليون ليرة لبنانية لكلّ وزارة على التوالي.
باختصار، منذ العام ٢٠٠٥ على الأقل، تدفع الحكومة اللبنانية الإيجارات في أحد أغلى المناطق في البلاد إلى شركة خاصة، تعتبر الحكومة ومصرف لبنان أكبر المساهمين فيها، ولكن لا يبدو أن هنالك أرباح تعود إلى الدولة.
باستثناء بعض الضرائب التي تدفعها إنترا - الأملاك والقيمة المضافة والدخل - وبالإضافة إلى مساهمات موظفيها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يبدو أن الدولة لا تجني أي فوائد من إنترا. علاوة على ذلك، فإن مبلغ الضريبة المدفوع يتراجع بشكل تدريجي منذ العام ٢٠١٨، من ٣٫٧ مليار ليرة لبنانية في ذلك العام إلى ٢٫٩ مليار و٢ مليار ليرة لبنانية في العامين التاليين. يبدو أن الشركة لم تدفع في العام ٢٠٢٠ أي ضريبة دخل، حيث بلغت ٨٣٥٫٧ مليون ليرة لبنانية في العام ٢٠١٩.
تشكّل إنترا النموذج المثالي للمؤسسات الزبائنية في ما بعد الحرب. أخبرتنا عالمة الاجتماع ريما ماجد أنه "في حين أن المحسوبية كانت موجودة قبل الحرب الأهلية، فقد تم دفعها إلى مستويات جديدة في حقبة ما بعد الحرب، حتى استُخدمت المؤسسات شبه الحكومية لبناء نوع جديد من الإشراف لقادة ما بعد الحرب كي يعيدوا ابتكار أنفسهم، ليتحوّلوا من رجال ميليشيات إلى سياسيين".
مقطتفات من فساد إنترا
تبرز إنترا بشكل أكثر وضوحًا من خلال سيطرتها على ٥٢ في المئة من كازينو لبنان، والذي يخضع منذ فترة طويلة للتدقيق من قبل الصحافة المحليّة بسبب الفساد وكذلك الصراع على السلطة بين الأوليغارشيين في لبنان.
اقتضى العرف غير المكتوب لمشاركة غنائم ما بعد الحرب على أن يعيّن رئيس الجمهورية رئيس مجلس إدارة الكازينو - مما أدى إلى نشوب توترات مع سيطرة بري على إنترا. في العام ٢٠٠١، ورد أن بري، عبر سكينة، فرض توظيف عشرات من أتباعه الحزبيين، مما أثار استياء السياسيين في كسروان وجبيل الذين لطالما اعتبروا محسوبية الكازينو حكرًا لهم.
في الرسالة المفتوحة في مجلة المؤشر عام ٢٠٠٥، اتهم كاتبها المجهول رئيس مجلس إدارة إنترا ومجلس إدارتها بالتخلي عن مسؤوليتهما في محاسبة رئيس مجلس إدارة الكازينو على عدم دعوة مجلس الإدارة للانعقاد منذ آب ٢٠٠١ أو الجمعية العامة منذ آذار ١٩٩٩.
في العام ٢٠١١، تصدّر الكازينو مرة أخرى العناوين مع فضائح الفساد في عهد الرئيس ميشال سليمان.
خضعت شركة طيران الشرق الأوسط أيضًا إلى التجاذبات السياسي، هذه المرة بين بري ورفيق الحريري، والتي بلغ ذروتها مع مدير المحفظة الاستثمارية السابق للحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي ضخ ٢٢٥ مليون دولار في شركة طيران الشرق الأوسط مقابل أسهم. استحوذ مصرف لبنان على الحصة شبه الكاملة من شركة الطيران، ومنذ ذلك الحين، لم يعد لشركة إنترا للاستثمار- التي كانت تمتلك حتى العام ١٩٩٧ نسبة ٦٢٫٥ في المئة من أسهم شركة الطيران - أي قرار في شركة طيران الشرق الأوسط.
من جانبه، ورد اسم بنك فينيسيا في فضيحة فساد قروض الإسكان المدعومة لعام ٢٠١٩.
ومن ثمّ نصل إلى قضية بنك التمويل، أحد أكثر ممتلكات إنترا سرية. لم يعد موقع البنك الإلكتروني فعالًا ولا تسمح النسخ المؤرشفة بالوصول إلى أي تقارير سنوية أو بيانات مالية.
ذكر مقال نُشر في مجلة لو كوميرس دو لوفان في حزيران ٢٠٠٥ بعض الأدلة. وبحسب ما ورد، واجه البنك نسبة ملاءة منخفضة - بحيث لم يتمكن بسهولة من الوفاء بالتزامات ديونه طويلة الأجل - وكان معرضًا لخطر تسجيل الخسائر في ذلك العام. وكان من بين عملاء البنك سياسيون مؤثرون لبنانيون وسوريون، في حين كانت إدارته تعجّ بموظفين تابعين لحركة أمل ومقرّبين من الرئيس آنذاك إميل لحود. تم أيضًا تسييس اعتمادات البنك للقطاع الخاص - كان أحد عملائه شركة خاصة نفذت عدة مشاريع لمجلس الجنوب، أحد غنائم نبيه بري. تسجلت تأخيرات كبيرة في سداد القروض.
تحدّثنا في مصدر عام مع مصدر مصرفي مطلع زعم أن البنك استُخدم في رشاوى سياسية قُبيل الانتخابات النيابية. قال لنا شريطة عدم الكشف عن هويته: "في فترة الانتخابات، يتمّ فجأة إنشاء آلاف الحسابات [في بنك التمويل] وإيداع الأموال فيها، أو تضاف الأموال إلى الحسابات. بالطبع لم يسدد الناس هذه القروض أبدًا، فقد كانت هدية، بلغ كل منها بضعة آلاف من الدولارات أو ما يقارب ذلك. وافقت لجنة الرقابة على المصارف على شطب خطوط الائتمان هذه من دون معاقبة إدارة البنك".
وأضاف: "كان محافظ البنك المركزي على علم أيضًا بالانتهاكات الجسيمة والفساد في بنك التمويل".
محاضر مسربة من اجتماع مجلس إدارة بنك التمويل بتاريخ ٢ تشرين الأوّل ٢٠١٥ تضفي مصداقية على هذه الاتهامات، مشيرة إلى أن المجلس أعطى معاملة تفضيلية لحركة أمل وقائد الجيش آنذاك جان قهوجي وزوجته وأبنائه الثلاثة.
أدى ذلك إلى رفع دعوى تخص الإثراء غير المشروع ضد قهوجي، مما فتح تحقيقًا قضائيًا تصاعد ليشمل سبع شخصيات عسكرية مهمّة أخرى. لكن نظرًا للحالة المتعثّرة للقضاء في لبنان وقانون السرية المصرفية، فليس من المستغرب أن تكون الدعوى "ميتة".
في العام ٢٠١٧، زعم مقال في إحدى الصحف العراقية أن حسن فران، رئيس مجلس إدارة البنك منذ أن أصبحت إنترا تحت سيطرة نبيه بري، قد رشا محافظ البصرة للحصول على عقود مربحة لصالح شركة طاقة مقرها دبي والتي كان مشاركًا في ملكيّتها.
في العام ٢٠١٨، قامت الهيئة المصرفية العليا التابعة لمصرف لبنان، وهي أعلى سلطة قضائية مصرفية في البلاد، بالاطلاع على تقرير من لجنة الرقابة على المصارف حول أنشطة بنك التمويل واستمعت إلى شهادة فران. ولكن بدلاً من تصفية البنك وإنهاء أنشطته، قررت اللجنة ببساطة إقالة فران واستبدال مجلس الإدارة. يبدو أن فران فر إلى لندن ومكان إقامته مجهول.
صرّح أحد كبار المصرفيين المطلعين على أنشطة إنترا لمصدر عام شريطة عدم الكشف عن هويته: "تسبب رئيس [بنك التمويل] بإفلاس البنك ولم يحاسبه أحد، لأن أحد الأشخاص الذين قاموا بحمايته هو أحد السياسيين البارزين".
تقدم مصدر عام بطلب للحصول على معلومات إلى مصرف لبنان عبر مبادرة غربال بهدف الحصول على تقرير لجنة الرقابة على المصارف في شباط ٢٠٢٢، ولكن في ٤ نيسان، تسلمنا رسالة من رياض سلامة مفادها أن المعلومات المطلوبة تخضع للسرية المصرفية، وبالتالي لا يمكن الكشف عنها. [note:3]
ولكن ربما التفصيل الأشدّ فظاعة المتعلّق ببنك التمويل هو في كيفية تحقيقه لأي أرباح.
وفقًا لمجلة لو كوميرس دو لوفان، شكّلت مشتريات المصرف من سندات اليوروبوندز طويلة الأجل مصدر الدخل الرئيسي للبنك، أي ديونه المقومة بالعملة الأجنبية، والتي بدأ بيعها للعملاء في العام ١٩٩٧. [note:4]
في شهر أيّا ٢٠٠٢، علّق بنك التمويل مئات الملصقات في جميع أنحاء بيروت لدعوة العملاء للاستثمار في سندات اليوروبوندز. أوضح مدير قسم سندات الخزانة في البنك أنه يمكن للعملاء شراء سندات اليوروبوندز من خلال بنك التمويل.
جاء ذلك تماشيًا مع ممارسات المصارف اللبنانية الخاصة التي أدت إلى الانهيار المالي، ولكن في هذه الحالة كان هذا المصرف الذي تملكه الدولة بشكل جزئيّ يحقق أرباحه عن طريق إقراض الدولة على حساب الدين العام.
وفقًا لنبيل عبده، كبير مستشاري السياسة في منظمة أوكسفام: "بين عامي ١٩٩٤ و٢٠١٠ [...] شكلت عائدات الضرائب ٩٧ في المئة من خدمة الدين. هذا يعني عمليًا أن إجمالي أموال دافعي الضرائب ذهب لسداد الديون، مما يعني أن معظم هذه الأموال ذهبت إلى البنوك".
إنترا كتحذير
يجب أن تكون قضية إنترا بمثابة الرادع المثالي لدعوات خصخصة أصول الدولة.
إن إدراك عدد العقارات التي يمكن بيعها يُحدد ما سيخسره الشعب بشكل لا رجعة فيه - وهي نقطة أكدها ستوديو أشغال عامة في حملته ضد بيع أراضي الدولة.
"أي محاولة لإنقاذ المصارف من خلال مصادرة الأصول العامة... ستؤدي إلى المزيد من تلاشي ما تبقّى من مظاهر الفضاء العام ومصادر الإيرادات المحتملة لحماية السيادة الاقتصادية الوطنية من قبل الحكومات المستقبلية". – هشام صفي الدين، باحث
"تُعتبر أي محاولة لإنقاذ المصارف من خلال مصادرة الأصول العامة أمرًا خطيرًا" لأن ذلك سيشكّل "نقلًا غير عادل للثروة من الشعب اللبناني بأكمله، بما في ذلك الأجيال القادمة، إلى المسؤولين عن الأزمة"، بحسب ما أشار إليه هشام صفي الدين، باحث في الاقتصاد السياسي اللبناني، في مقابلة أجراها مع مصدر عام، مضيفًا أنه سيكون لذلك أيضًا "تأثير طويل المدى عبر المزيد من تلاشي ما تبقى من مظاهر الفضاء العام ومصادر الإيرادات المحتملة التي يمكن استخدامها للتنمية الاقتصادية والحفاظ على السيادة الاقتصادية الوطنية من قبل حكومات المستقبل".
ومع ذلك، فإن تاريخ إنترا المشين يرسم أيضًا صورة شديدة الوضوح لما تبدو عليه الشركات المساهمة في لبنان: شبكة إجرامية مبهمة من الخطوط غير الواضحة بين السياسيين ورجال الأعمال، حيث يسقط الأوليغارشيون فقط حين يطمع الباقون في غنائمهم. إن إجرامًا على نطاق أوسع في انتظارنا إذا أُنشئت صروح مماثلة من دون حدوث أيّ تغيير.