Main Content
خالد المصري يصل على دراجته النارية إلى طريق زراعي غارق في مياه الصرف الصحي، فيما تبرز أعواد الخيزران من جانب الطريق في عكار.

المزارع خالد المصري يركب دراجته النارية على طريق زراعي مليء بمياه الصرف الصحي. عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

اليأس يدفع المزارعين الى المجارير: مياه الصرف الصحي تروي الخضار في عكّار

Water in Crisis

A four-part series on water in Lebanon, covering its unsavory substitutes, its uses and misuses, the origin story of its crisis, and finally, its weaponization.

مقتطفات من الجزء الأول من أربع أجزاء حول وضع المياه في لبنان- البدائل غير الصحية المستخدمة وسوء استخداماتها وجذور أسباب الأزمة وأخيرًا، استخدامها كسلاح. 


دنا المغيب في قرية مشتى حمود الواقعة شماليّ لبنان، على الحدود مع سوريا. كنْتُ أجول في حقلٍ موحلٍ، وإذ بي أشعرُ بمزيجٍ لزجٍ من التربة الرطبة والفضلات البشريّة يعلقُ في حذائيّ. وقفْتُ بمفردي أحاول التقاط ما تبقّى من أشعة شمس النهار. فيما زميلي المصوّر الصحفي مروان طحطح يلتقط صوراً لمياه الصرف الصحيّ التي غمرت الأراضي الزراعيّة المحيطة بنا.

فجأة أطلّت شاحنة بيك أب قديمة بيضاء اللون، وصرخ سائقُها:"أنتما! من أنتما؟ وماذا تفعلان هنا؟"

حاولْتُ جهداً أن أتماسَك. لقد أمضينا ثلاث ساعات نقود من بيروت، أي مسافة حوالي 148 كم، لنتحقّق من الإستعمال المزعوم لمياه الصرف الصحيّ في ريّ المزروعات هنا في عكّار، محافظة لبنان الشماليّ. والرجل هذا قد يكون على صلة بالسلطات المحليّة، وقد لا يعجبه أنّنا نفضح القضيّة.

وبغضبِ ظاهر قال:"هل أنتما صحافيان؟"

أحنَيت رأسي إيجاباً وأنا أقترب من الشاحنة مبتسمةً عساه يهدأ.

فصرخ محرّكاً إصبعه باتّجاهي: "إذا كنتِ صحافية، هل يمكنك أن تكتبي وتُخبري الناس عن مشاكلنا؟ هل يمكنك أن تعلميهم أنّ مياه الصرف الصحيّ قد فاضت عندنا؟ أنا آتٍ للتوّ من أرضي، وقد بدأ الشتاء، ومياه الصرف غطّت كلّ مزروعاتي، وما باليد حيلة!"

"إذا كنتِ صحافية، هل يمكنك أن تكتبي وتُخبري الناس عن مشاكلنا؟ هل يمكنك أن تعلميهم أنّ مياه الصرف الصحيّ قد فاضت عندنا؟ أنا آتٍ للتوّ من أرضي، وقد بدأ الشتاء، ومياه الصرف غطّت كلّ مزروعاتي، وما باليد حيلة!" —سعيد، من سكّان مشتى حمود

سألته عن اسمه. قال: "سعيد".

"أعدُك يا سعيد بأنّي سأخبرُ الجميع بذلك".

فانفرجَت أساريرُه. ثم قال:"شكراً"، ومضى.

Open manhole pouring sewage water into a canal bordering an agricultural land in Akkar.

فتحة صرف صحي مفتوحة تصب المياه الملوّثة في القناة المحاذية للأراضي الزراعية في بلدة مشتى حمود. مشتى حمود، عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

عند عودتنا لاحقاً إلى السيارة، تنبّهنا إلى أنّ حذاءَينا قد نالا نصيبهما من الوحل وممّا هو أسوأ من الوحل. فبحثنا عن مياهٍ نظيفةٍ لإزالة الأوساخ، لكن المياه نفسَها كانَت وسخة. حاول مروان مسحَ حذائه بواسطة العشب، لكنّ الأمرَ كان يتطلّب المرور بالصرف الصحيّ. وبدلاً من ذلك، وجدنا بقعة جافّة على الطريق المغطّى بالوحل، فرُحنا نمسح أحذيتَنا بالغبار العالق عليها.

"يقومون بالأمر ليلاً"

محمد مَدين دندشلي، أستاذ مادة الجغرافيا في الرابع والأربعين من العمر. وُلدَ وترعرع في مشتى حمود. كان يقوم بتأجير قطعة الأرض الصغيرة خاصّتِه حتى جائحة كوفيد-19، حيث شرع في زراعة الفستق والخيار والبندورة والخسّ.

يستعيد دندشلي في ذاكرته تلك الليلة الحارّة من أكتوبر حين لاحظ أضواءً في أرضٍ زراعيّة مجاورة. لم يبالِ بالأمر بدايةً، فالمزارعون متواجدون دائماً في أراضيهم، في النهار كما في الليل. إلّا أنّه اشتمّ رائحة كريهة، فأعاد النظر. ويا لهولِ ما رآه. فقد رأى خرطومًا مطاطيّا سميكًا أسودَ اللون يشقّ طريقه في الوحل.

لقد كان جاره يروي مزروعاته بمياه الصرف الصحيّ، كما يقول، مضيفاً: "يقومون بالأمر ليلاً، لأنّه إذا عرف الناس، سيتناقلون الخبر، ولن يشتريَ أحد من مزروعاتهم".

تُعدّ عكَار ثاني أكبر منطقة زراعية في لبنان بعد سهل البقاع. ويمرّ فيها أربعة أنهر أساسيّة: نهر العرقة، والكبير، وأسطوان، والبارد، كما تضمّ بعضُ أكثر الأراضي خصوبةً وإنتاجاً. تُنتِج عكّار 14 بالمئة من المحصول الزراعيّ في لبنان، من الفستق إلى القمح، إلى الزيتون والأفوكادو والخيار. في الشتاء تُصبح المنتِج الأول للبقوليات الخضراء كالخسّ، والجرجير، والقرفة، والبقدونس، والبقلة والروكا.

وتُعتبَر عكّار أيضاً واحدة من أكثر المناطق التي تعاني من الإهمال والحرمان الإقتصاديّ. في العام 2021، قدّرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (ESCWA) التابعة للأمم المتحدة أن نصف العائلات في عكار تعيش "في حالة من الفقر الشديد متعدّد الأوجه". ويُعدّ سهل عكار، الذي يمتد حتى الحدود مع سوريا، من أفقر المناطق ضمن المحافظة.

Overview of agricultural plastic tents from the top of a hill in Miniara, Akkar.

منظر للخيام البلاستيكية الزراعية في منيارة من أعلى التلة. عكار، لبنان. ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

على الرغم من ذلك، قامت الحكومة اللبنانية والمموّلون الأجانب بإنفاق عشرات الملايين من الدولارات في قطاع الصرف الصحي في عكار، وذلك منذ العام 1992، بما في ذلك أكثر من 50 مليون دولار في مشاريع مجلس الإنماء والإعمار وحده. كانت هذه الأموال مخصّصة لبناء محطات تكرير للمياه وشبكات للصرف الصحي في عكار. لكنْ كل ما جناه المزارعون المحليّون من هذه الملايين هو حقول مليئة بمياه الصرف، والإصابة الأولى بوباء الكوليرا منذ ثلاثة عقود.

 كل ما جناه المزارعون المحليّون من ملايين الدولارات في قطاع الصرف الصحي هو حقول مليئة بمياه الصرف، والإصابة الأولى بوباء الكوليرا منذ ثلاثة عقود.

نتيجة لسنوات من الإهمال من قِبل الحكومة المركزيّة، تحوّلت مياه الينابيع والأنهر في عكار من مصدر أساسيّ لريّ المزروعات على مدى آلاف السنين إلى مياه ملوّثة بالصرف الصحيّ. فيضطرّ المزارعون المحليّون إلى ريّ مزروعاتهم إما بمياه الأنهر الملوّثة إما بمياه الصرف الصحيّ نفسها، لا عن سوء نيّة، بل لعدم وجود خيارات بديلة.

A water turtle peeks its head outside of a rainwater canal filled with dark sewage water in Akkar.

سلحفاة مائية تخرج رأسها من قناة تجميع مياه الشتاء المليئة بمياه الصرف الصحي في منيارة. عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

قبل أزمة 2019، كان المزارعون في عكّار يعتمدون على ضخّ المياه الجوفيّة لريّ أراضيهم. لكن، بعدَ أن حبسَت المصارف حسابات الدولار، وهبطت قيمة الليرة اللنانيّة، لجأ العديد منهم إلى مياه الأنهار، كما يقول دندشلي. على الرغم من تلوّثها بالصرف الصحّي، تغدو مياه الأنهار البديل الشائع للمضخّات باهظة الثمن التي تتطلّب مولّدات كهربائية وقطع غيار خاصّة، والمحروقات— وجميعُها مُسعَّر بالدولار.

غير أنّ المياه الملوّثة قد تكون قاتلة. في تشرين الأول- أكتوبر 2022، رصدت وزارة الصحة العامة اللبنانية بكتيريا "فيبريو كوليراي"، المسببة لمرض الكوليرا، في مياه الصرف الصحي ومياه الري والشرب في محافظتي عكار والشمال في لبنان. وبحلول يونيو 2023، سجلت وزارة الصحة 671 إصابة مؤكدة بالكوليرا من مجموع 8007 إصابات محتملة، وهو وباء يسبّب إسهالاً حادّاً يمكن أن يؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات في حال عدم معالجته. توفي 23 شخصًا نتيجة لتفشي الوباء.

تنتشر الكوليرا عندما يتناول الأفراد المأكولات والمشروبات الملوّثة بالبكتيريا. عند عدم وصولهم إلى المياه النظيفة والمراكز الصحية، يمكنهم نقل البكتيريا للغير بواسطة مياه الصرف غير المعالَجة. يقول عصمت قاسم، وهو الأستاذ المساعد في مادة علم الأحياء الدقيقة في مركز سلامة الغذاء في جامعة جورجيا: "كلّ ما يعاني منه الشخص المريض سينتهي في الصرف الصحيّ".

Children in Akkar on their way to fill up water from a well, July 1967.

هل كان لبنان حقاً يعيش "عصراً ذهبياً"؟

لماذا تحول اقتصاده إلى اقتصادٍ يدعم القطاعات غير المنتجة؟

الكوليرا ليست سوى واحدة من العديد من الأزمات الصحية في شمال لبنان. فقد كان التهاب الكبد الوبائي A، وهو عدوى كبدية معدية بشكل كبير تنتشر عن طريق مخلفات البراز، منتشراً في لبنان على مدى ثلاثة عقود. شهد صيف عام 2022 إرتفاعاً في عدد الإصابات في الشمال - وليس فقط بالتهاب الكبد الوبائي A. لقد لاحظ سكان عكار الذين تحدثنا إليهم زيادة كبيرة في الأمراض المزمنة والقاتلة بين أفراد أسرهم، والتي يعتقدون أنها ناجمة عن التعرض للسموم البيئية.

قال جهجاه: "نحن نرى تداعيات الوضع الحالي على الصحة العامة، لا سيما على شكل أمراض السرطان والرئة. ليس هناك عائلة واحدة في سهل عكار لا يوجد فيها حالة من هذه الأمراض".

لبنان يفتقر إلى وسائل الحماية التي تضمن عدم تعريض الناس للخطر من مجرّد تناول الطعام بحسب الباحث عصمت قاسم.

في دراسة أُجريت عام 2021 على مياه الأنهار في لبنان، وجد قاسم وباحثون آخرون أنّ 96 في المئة من العيّنات التي جمعوها من 14 نهراً مختلفاً، تحتوي على البراز البشريّ. وقد تخطّت نماذج المياه من ثلث الى ثلاثة أرباع المعدّلات الحيويّة المسموح بها للريّ. ثلث العيّنات كانت ملوّثة بشكل يمنع حتى السباحة فيها.

وقد عمل الباحث بين 2021 و2022 على دراسة أُخرى على عيّنات من الخضار المزروعة في شمال لبنان. وتبيّن أنّ 17 في المئة من البقوليات الخضراء المباعة في أسواق طرابلس تحتوي أقلّه على نوع واحد من الطفيليّات.

وعلى الرغم من المخاطر المعروفة، يقول قاسم أنّ لبنان يفتقر إلى وسائل الحماية التي تضمن عدم تعريض الناس للخطر من مجرّد تناول الطعام.

Overview from the top of a hill of the Miniara town in Akkar.

منظر لبلدة منيارة من أعلى التلّة. عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

تراقب وزارة الإقتصاد والتجارة سلامة الغذاء والمياه في المؤسسات التجاريّة التي تُعدّ و/أو تبيع الطعام، بما فيها الأفران، والمطاعم، والمتاجر الغذائية. لكنّ أحد موظفي دائرة حماية المستهلك في الوزارة، والذي رفض الإفصاح عن هويّته لأنّهم ممنوعون من الحديث إلى الصحافة، أخبرَ "مصدر عام" أنّ وزارة الزراعة هي المسؤولة عن التحقّق من موافقة المنتَجات الزراعيّة لمعايير السلامة العامة.

ويسأل قاسم:"هل يراقب أحد (سلامة الغذاء) لصالح المستهلك في لبنان؟" ثم يجيب:"سأقول لكم لا، لا، لا، لا— قطعاً لا!".

الإهمال المتجذّر

يحوم الذباب من حولنا بلا ملل إذ نقترب من أرض خالد المصري، وهو مزارع من بلدة منيارة. بين الطريق العام والحقل الخاص به، يوجد قناة لتصريف مياه الأمطار في البحر الأبيض المتوسّط. تفوح  من المواد الداكنة المتماسكة التي تحتويها رائحة قويّة لدرجة أنّني أشعرُ بالدوار.

Sheep grazing in a plot of land filled with greenery in the town of Machta Hammoud in Akkar.

قطيع من الماشية يرعى في أرضٍ زراعية في بلدة مشتى حمّود. مشتى حمود، عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

عندما طلبْتُ من المصري أن نتحدّث في مكان آخر، دعانا إلى بقعة أرضيّة واسعة مليئة بالبقدونس. حالما رأيْتُ تلك الأوراق الخضراء الطازجة، فكّرت كم يكون جميلاً لو استعملْتُها لتحضير سلطة التبّولة. لكنّ فكرتي الثانية جعلَتني أتساءل عمّا إذا كان طعم البقدونس سيكون مألوفاً أم أنّه ممزوجاً بطعم الصرف الصحيّ. ثم أشحْتُ عن ذهني هذه الصورة غير الصحيّة وتابعْتُ الحديث.

قال المصري مبتسماً: "ليسَت الرائحة بهذا السوء. عليكي أن تأتي في الصيف! سيستحيل عليكي المشي هنا بسبب الرائحة".

وشرح المصري أنّ مياه الأمطار مؤخرًا ساعدَت في تصريف بعض مواد القناة الملوّثة في البحر. كما أنّ المزارعين المحليين يقومون في بعض الأحيان، بتحوير مياه الأنهار الى القنوات لتسريع تصريف مياه الصرف الصحيّ في البحر.

سألْتُ: "ماذا عن الدولة؟"

فنظر إليّ بازدراء قائلاً:" الدولة؟ أيّ دولة؟"

تُعدّ محطات تكرير المياه بديلاً آمناً وأقلّ كلفة لمشاريع الريّ من مياه الأنهار الملوّثة. ويمكن لمحطات التكرير التي تديرها الدولة أن تحوّل مياه الصرف الصحيّ إلى مياه صالحة وآمنة للإستعمال الزراعيّ، بكلفة مقبولة للمزارعين.

لكنْ من أجل الحصول على تكرير فعّال لمياه الصرف الصحيّ في عكار، يجب إنشاء نظام صرف صحيّ متين. حتى تشرين الثاني-نوفمبر 2019، يوجد في عكار 16 محطة لإعادة تدوير مياه الصرف، لكنّ معظم البلدات لا تمتلك الأنابيب اللازمة لنقل مياه الصرف الصحيّ للمحطّة. فقط 62% من سكان عكار يستفيدون من نظام الصرف الصحي العامّ.

"سهل عكّار مُتخَم بالمشاريع غير المكتمِلة"، يقول أحمد جهجاه، أحد سكّان عكّار. حتى بعد اكتمالها، تبقى المشاريع مجرّد مجموعة منشآت غير متّصلة ببعضها، ولا تشكّل كلّاً متكاملاً قابلاً للإستعمال.

لقد حصلت الحكومة المركزيّة على 1.3 مليار دولار من الديون وحوالي 200 مليون دولار من الهبات المخصّصة لمشاريع تكرير مياه الصرف في لبنان. تمّت إحالة العديد من هذه الأموال إلى مجلس الإنماء والإعمار.

بحسب مبادرة غربال للمراقبة الحكوميّة، أصدر مجلس الإنماء والإعمار بين عامي 2001 و2022 عقودًا بقيمة 763.3 مليون دولار لمشاريع تكرير مياه الصرف على المستوى الوطني. ومن مراجعتنا لملخصات هذه العقود المتاحة للعامّة، كما للملخّصات المنشورة من قِبل غربال، تبيّن أنّه حتّى تاريخ النشر كان مجلس الإنماء والإعمار قد أنفق منذ العام 1992 ما لا يقلّ عن 79.40 مليون دولار على عقود مخصّصة كلياً أو جزئياً لإدارة مياه الصرف في عكّار. على الرغم من هذه المبالغ الطائلة، يشير الواقع في عكار إلى خلل كبير بين الخطط الطموحة ونتائجها الفعلية على الأرض.

ويقول جهجاه أنّ سهل عكّار "مُتخَم بالمشاريع غير المكتمِلة". حتى بعد اكتمالها، تبقى المشاريع مجرّد مجموعة منشآت غير متّصلة ببعضها، ولا تشكّل كلّاً متكاملاً قابلاً للإستعمال.

Farmer uses his tractor to till the green land in Akkar

جرار يحرث قطعة أرض زراعية في قرية مشتى حمود، وفي الخلفية أشجار زيتون. عكّار، لبنان. ٢٦ تشرين الثّاني ٢٠٢٣. (مروان طحطح، مصدر عام)

وفقاً لمصدر عام يوجد في مجلس الإنماء والإعمار عقود ضخمة لمياه الصرف في عكار مسجّلة "قيد الإعداد" من أجل إصدارها في وقتٍ لاحق، وتبلغ قيمتها الإجماليّة 99.25 مليون دولار. باتّصالنا مع مجلس الإنماء والإعمار للسؤال عن وضع هذه العقود، قيل لنا أنّهم غير مخوّلين بإعطاء أيّ إجابة، وأنّ الإجابة الوحيدة التي يمكننا الحصول عليها هي عبر تقديم طلب رسميّ للحصول على المعلومات، علماً أنّ هكذا طلبات بقيَت جميعها دون جواب وبعد أكثر من سبع مراجعات مع المجلس. ولم يعطِ مجلس الإنماء والإعمار أيّ معلومة إضافيّة عن مدى تنفيذ المناقصات أو مواعيد إطلاقِها.

إنّ الإستعلام عن مدى اكتمال هذه المشاريع ليس سوى جزءاً من المعضلة. فحتى تحصل بلدات وقرى عكّار على شبكة أنابيب للصرف الصحيّ لنقل مياه الصرف إلى محطات التكرير، ستبقى المشاريع المليونيّة حبراً على ورق، وسيبقى الصرف الصحيّ في وضعيّة الإنهيار.

المزارعون في عكّار واعون تمامًا لتأثير مياه الصرف الصحّي على صحّتهم. لكن الى أن تقوم الحكومة بعملها بشكلٍ صحيح، سيستمرّون في استخدام المياه الملوّثة، رغم علمهم بتبعات ذلك. ليس لديهم خيار آخر.

يقول المصري ضاحكًا بأسى "لسنا نقوم بالريّ بمياه الصرف الصحّي والمياه الوسخة فقط، بل نتحارب من أجل هذه المياه!"

—تغطية إضافية: دانا حوراني

مساعدة بالتحرير: سيمون عسّاف وبول كوكران


في الجزء الثاني، نتابع مع شاحنات المياه التي توصل المياه الى المنازل عندما تفشل الدولة. 

ليلى يمّين

ليلى يمّين صحافية في مصدر عام.

ريشار سلامة

ريشار سلامة صحافي استقصائي في مصدر عام.

ساسين كوزلي

آنيا سيزادلو

آنيا سيزادلو محررة التحقيقات الاستقصائة في مصدر عام.

كلوي بنوى

كلوي بنوى محررة مساهمة في مصدر عام.

Map of the infrastructure of Akkar's wastewater network. Produced in 2019 by consultants as part of the 2020 National Water Sector Strategy Update. (Source: Ministry of Energy and Water - National Water Sector Strategy Update) 

    image/svg+xml

    هل هذه القصة قيّمة برأيكم؟ ساعدونا في الاستمرار لإنتاج القصص التي تهمكم من خلال التبرع اليوم! تضمن مساهمتكم استمرارنا كمصدر مُجدٍ ومستقل وجدير بالثقة للصحافة المعنية بالمصلحة العامة.